سورة الأنعام - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


الخزائن: واحدها خِزانة، ما يُخزن فيه ما يراد حفظه ومنع التصرف فيه. الغيب: ما غيِّب علمه عن الناس. الاعمى والبصير: المراد به هنا الضال والمهتدي.
كان الكلام في الآيات السالفة في بيان اركان الدين واصول العقائد ووظيفة الرسل، والجزاء، على الاعمال يوم الحساب، وهنا يبين لنا وظيفة الرسل العامة. قل ايها الرسول لهؤلاء الكفار المعاندين: أنا لا أقول لكم عندي خزائن الله فأملم التصرّف في أرزاق العباد، وشئون المخلوقات. كلا، ان التصرف المطلق من شأن الله وحده. وليس موضوع الرسالة ان يكون الرسول قادراً على ما لا يقدر عليه البشر، كتفجير الينابيع والأنهار في مكة، وإيجاد الجنات والبساتين، والإتيان بالله والملائكة وغير ذلك من التعجيز. وكان المشركون قد جعلوا ذلك شرْطاً للايمان بالرسول.
كذلك لا أدّعي علم الغيب الذي لم يطلعني الله عليه، ولا أقول إني ملَك أستطيع الصعود إلى السماء اما قوله تعالى: {عَالِمُ الغيب فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ} فإن إظهار شيء خاص من عالم الغيب على يدي الرسل لهو من الأمور التي يخصّ بها الرسل ليؤيد بذلك دعوتَهم ورسالتهم. وهو لايتعدّى إلى حمل أقوال الرسل على المستقبل، فهم لا يعلمون الا ما علمهم الله به.
{إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ}.
إنما أنا بشر أتبع ما يوحيه الله تعالى إلي، فأمضي لوحيه واعمل بأمره.
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعمى والبصير...}.
هنا وبخهم الله تعالى على ضلالهم، فأمر رسوله ان يسألهم ما إذا كانوا يعتقدون أن الضال والمهتدي ليسا سواء فقال: قل هل أعمى البصيرة الضال عن الصراط المستقيم، يَعْدِل ذا البصيرة المهتدي إليه؟ هل يليق بكم ان تعرضوا عن الهدى الذي أسوقه إليكم بعد هذا كله!! تعقلوا ايها القوم ما في القرآن من ضروب الهداية والعرفان.


الحشر: اجتماع الخلق يوم القيامة.
بعد أن أمر الله تعلى نبيّه الكريم بتبليغ الناس حقيقة رسالته، أمره بإنذار من يخافون الحساب والجزاء فقال:
أنِذر ما محمد بما يوحى إليك، وحذّر بما في هذا القرآن أولئك الذين يخافون اهوال يوم الحشر، حيث لا ناصر ولا شفيع إلا بإذن الله، لعلّهم يتقون فيبتعدون عما يُغضبه.
{وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}.
ثم نهى الرسولَ أن يطيع المترفين من كفار قريش في شأن المستضعفين من المؤمنين.
فقالك لا تستجيب أيها النبي، لدعوة المتكبرين من المشركين، فتُعبد عنك المتسضعفين من المؤمنين. إنهم هم الذين يعبدون ربهم طول الوقت لا يريدون إلا رضاه. لا تلتفت يا محمد لدسّ المشركين عليهم، فلست مسئولاً أمام الله عن شيء من أعمالهم، وليسوا مسئولين عن أعمالك، فإن استجبتَ وأبعدتَ المؤمنين، كنتَ من الظالمين.
كان زعماء المشركين وكبراؤهم- أمثال أبي جهل وعُتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والحارث بن عامر، وقرظة بن عمرو وغيرهم- كثيراً ما يتضايقون من المؤمنين المتسضعَفين- مثل عمار بن ياسر، وبلال، وصهيب، وخَبَّاب، وسالم مولى أبي حذيف، وابن سمعود- وكانوا يطلبون من النبي ان يبعدهم عنه حتى يحضروا مجلسَه ويستمعوا اليه.
روى احمد، وابن جرير، والطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: مر الملأ من قريش على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده صُهيب وعمار وخباب ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد، أرضيتَ بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء مَنّ الله عليهم من بيننا؟ انحن نكون تبعا لهؤلاء؟ أطردْهم عنك، فلعلّك ان طردتهم أن نتبعك.
فأنزل الله تعالى فيهم القرآن: {وَأَنذِرْ بِهِ الذين يَخَافُونَ أَن يحشروا إلى رَبِّهِمْ... إلى قولهأَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين-}.
{وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}.
تشير الآية الكريمة إلى ما سبق وتفسيرها:
وبمثل هذا الابتلاء الذي جرت به سنتنا، امتحنّا المتكَبرين.. لقد سبقَهم الضعفاء إلى الاسلام، ليقول المتكبرون مستنكرين ساخرين: هل هؤلاء الفقراء هم الذين أنعم الله عليهم من بيننا بالخير الذي يعد به محمد؟
وفي الآية إشارة إلى أن ما اغتّر به الكبراء من النعيم لن يدوم، كما لن يبقى المؤمنون على الضعف الذي صبروا عليه.. لا ان ينعكس الحال، وتدول الدُّولة لهؤلاء الضعفاء من المؤمنين وقد صدَق الله وعدَه.
قرأ ابن عامر: {بالغُدوة} والباقون، {بالغَداة}.


السلام: البراءة والعافية من الآفات والعيوب، والسلام أيضا من اسماء الله تعالى.
وقد استُعمل السلام في التحية بمعى تأمين المسلَّم عليه من كل أذى من المسلِّم.
كتب: أوجَبَ الجهالة: السفَه والخفة والغفلة. تستبين: تتضح وتظهر.
بعد أن نهى الله تعالى نبيه عن طرد المستضعفين من حضرته أملاً في استمالة المشركين المتكبرن من بني قومه- أمره أن يلقى الذين يدخلون في الإسلام بين حين وآخر، يعلّمهم ويبشّرهم برحمته تعالى ومغفرته.
{وَإِذَا جَآءَكَ الذين يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ....} الآية.
اذا جاءك الذين تصدّقون بك وبرسالتك سائلين عما إذا كان لهم توبة عن ذنوبهم التي فرطت منهم، فقل لهم تكريماً لهم: سلام عليكم، إنني ابَشّركم برحمة اله الواسعة.. لقد أوجَبَها على ذاته تفضّلاً منه. وهي تقضي ان من تاب ورجع عن ذنبه نادماً ثم أصلح عمله- غفر الله له، وشمله بعطفه.
{وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيات وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المجرمين}.
يبين سبحانه انه فصّل الحقائق للمؤمين حتى يبتعدوا عن سلوك المجرمين.
قراءات:
قرأ نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب بفتح الهمزة {أنه من عمل منكم سوءا} والباقون بكسر الهمزة. وقرأ ابن عامر ويعقوب {فأنه غفور رحيم} بفتح الهمزة، والباقون بكسرها. وقرأ نافع {لتستبين سبيلَ} بالنصب وقرأ ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم بالرفع. والباقون بالياء، وبرفع {سبيل}.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9